التوقعات والتنبؤات بالاحداث حقيقة علمية ام ضرب من الاوهام و الخرافة والشعوذة دراسة موثقة للدكتور علي محمود قعفراني ( استاذ جامعي يدرس الفيزياء الفلكيه ومشرف على العديد من الدراسات الفلكيه لمرحلة الدراسات العليا الجامعية )
بدأ الايمان بالخرافات،و الأساطير منذ أن وجد الانسان على الارض فقد وجد نفسه أمام أسرار و أسرار لا يمكن تفسيرها وفهمها ، يرى حوله قوى الطبيعة:الشمس،القمر،الثلوج،البرد،الرعد، والبرق .مظاهر خير و مظاهر رعب يقف الانسان أمامها حائرا في تفسيرها عاجزا عن كشف أسرارها،ووقف الانسان عاجزا عن فهم ما يحصل حوله فتساءل عن سبب وجوده، و عن الذي أوجده فدأب على ربط جوانب حياته و سلوكه المختلفة بكائنات عليا و سامية في اطار سعيه الى المطلق او الكائن العلى بدوافع شتى من أبرزها الخوف و السعي وراء قوى خفية لحماية نفسه ،من قوى الطبيعة و القوى الخفية الخارقة حسب مفهومه الذي تهدده فابتدع الخرافات و الأساطير و كان لكل شعب من الشعوب خرافاته و أساطيره الخاصة به، و التي تتحدث عن عالم فوق الواقع و الحقيقة انما طابعه الخيال الخرافي من هنا نشأت ظاهرة العرافين و المنجمين نظرا لانجذاب الانسان على الأرض بالاعتقاد. بأن النجوم و الكواكب تؤثر هي و ساكنيه من مخلوقات غيبية بحياة الانسان على الارض. اذا ظاهرة العرافين هي من الظواهر القديمة في التاريخ و كانت تمثل للانسان قديما مطلبا أساسيا لربط نفسه بالكائنات السامية العليا و القوى الغيبية حسب معتقداته وقتها . فاحتلت الاساطير منزلة كبيرة عند الشعوب القديمة و ذلك منذ نهاية العصر الحجري الجديد و بقيت أثارها في بلاد الرافدين و مصر القديمة و الهند و الصين و اليونان و عبرت هذه العلاقة المنسجمة بين الانسان القديم و شعائره و رموزه و هي ضرب من الوهم .
الشعوب التي سادت كان لها مفاهيم متشابهة تقريبا . فكان لهم اله للسماء و اله للأرض و الجبل و اله للشمس و القمر و الكواكب و اعتقدوا بان الابطال و العظماء مثل الملوك بان دمهم يخالط دم الالهة ،فربطو بين ما هو الهي و ما هو بشري. في مصر القديمة كان الفرعون يمثل الالهة و اعتقد المصريون بخلود الفرعون و عند موته يصعد الى السماء
كما آمن القدماء بظاهرة السحر و الارواح بما اختلط فيه اشكال الآلهة و ما تمتلكه من قدرات و قوى خارقة.بمفهوم الشعوب التي سادت في بلاد ما بين النهرين و مصر القديمة و اليونان الذين كان لهم اله للبرق و اله للرعد و اله للمطر و الرومان اعتبروا جوبيتر كبير آلهتهم و عشتار اله البابليين كما و كان لديهم اله للحرب و اله للقتل و هذه المعتقدات كلها اوصى بها
السحرة و العرافين و المنجمين ،و نرى التأثير بين مختلف الحضارات التي سادت لا سيما تأثر الحضارة اليونانية بالحضارة المصرية نراها من خلال الفيلسوف فيتاغورس و أفلاطون و أرسطو و سقراط.
و ساد القول بأن آلهة الاغريق و الرومان اسيوية و مصرية و يوجد نصوص تعود الى ما قبل القرن الخامس عشر قبل الميلاد . من هنا نرى بأن العرب تأثروا بهذه الحضارات قبل ظهور الديانة الاسلامية . و جعلتهم يبنون معتقداتهم على التصورات الاسطورية للكائنات الحية و الانسان،اذ نقلوا الكثير من المفاهيم الاسطورية و الخيالية التي نشأت بعيدا عن العرب.
فتأثرالخيال العربي بالخيال الانساني في كل الحضارات القديمة . ادى الى تخيل عالم آخر يحفل بالارواح و الكائنات الحية الغيبية . و النماذج الكاملة المتفوقة القادرة على تجاوز نواميس الكون و الطبيعة و حاول هذا الخيال تعليل ميله الى تجسيد ما يحب او ما يخشى. من هنا تراكمت حوله الخرافات و الاساطير التي انحدرت من حضارات قديمة ،فاذا هي حافلة بالعجائب و الغرائب و الاساطير، و العرب و الصابئة في الجاهلية عبدواالنجوم و الكواكب و الوثنيون عبدوا الاصنام و تحدثوا عن الكائنات الظاهرة و الخفية ،تأثر العرب في الجاهلية بتصورات سحرية حيث نظروا الى الكاهن و الشاعر بأنهم مقربين الى الآلهة و هم القادرين على قراءة الغيب و استطلاع و معرفة المستقبل و التنبؤ بما سيحدث و باستطاعتهم التغلب على الارواح الشريرة و يروا حقائق الاشياء.هكذا كانت المفاهيم و المعتقدات السائدة عند الشعوب الذي سادت ثم بادت الاآن رواسب و مظاهر و مفاهيم العصور الغابرة تحاكي و تؤثر بحضارة القرن الواحد و العشرين ،حضارة المعلوماتية و الاتصالات ،حضارة التقدم العلمي و التكنولوجيا ،حضارة هذه الثورة العلمية التي استطاعت معرفة الكون و ابعاده والذي يمتد على 14 مليار سنة ضوئية و معرفة عدد المجرات في الكون و معرفة تفاصيل مجرتنا درب التبانة و معرفة النظام الشمسي المؤلف من الشمس و الكواكب التسع التي تدور في فلكها و خصائص و صفات كل كوكب من درجة الحرارة في الليل و النهارو سرعتها حول الشمس و الاقمار التي تدور في فلك الكواكب . و بعد كل كوكب عن الشمس و سرعته حول نفسه وحول الشمس ،وهذا ما يعرف بعلم الفلك و هو علم يدرس
بطريقة علمية حقيقية معتمدة على اجهزة الكترونية دقيقة او ما يعرف بالفلك الراديوي و مراصد الكترونية ذات اقطار تتجاوز 14 بوصة و يمكننا القول بأن هذه الاكتشافات غيرت مفاهيم الجنس البشري و ساهمت في رفع المستوى العلمي و المعرفي حقيقة تفسير الكون.
ان الدراسات التي تتواصل و بطريقة متعمقة لمجرتنا درب التبانة و التي تحتوي على مئة الف مليون نجم منها ما هو بحجم الشمس و منها ما هو أكبر من الشمس بمرتين و ثلاثة و صولا الى عشر مرات ادت الى اكتشافات متعددة لا مجال لذكرها الان لكن ما يؤكده علم الفيزياء الفلكية انه لا يوجد اي تاثير لا للكواكب التي تدور حول الشمس اي الكواكب التسع التابعة للنظام الشمس لا يوجد اي تاثير لهذه الكواكب على الانسان الذي يعيش على الارض لا على حياته و لا على مستقبله و لا على حياته الاجتماعية و لا على اوضاعه الاقتصادية فهذه الكواكب اربعة منها عبارة عن تراب و صخور و هي بتركيبتها الكيميائية والفيزيائيةلا تسبب السعادة و لا الشقاء للانسان الذي يعيش على الارض اما الكواكب الباقية و هي المشتري زحل اورانس نبتون و بلوتو فهي كواكب غازية وليس لهم اية تاثير على شقاء و تعاسة الانسان الذي يعيش على الارض و لا تعرف شيء عن حاضره او مستقبله ان ما يدعيه بعض العرافين بمعرفة الجوانب و كشف الاسرار و قراءت المستقبل من خلال امتلاكهم حاسة تؤهلهم حسب ادعائهم من قرات ماتؤثره الكواكب على السعادةو شقاء الانسان على الارض و قراءت مستقبله و مستقبل عائلته, و منهم من يدعي بانه يلتقط ذبذبات يقراءها و يحللها و هو لا يستطيع تدبر امرنفسه.
البعض من هؤلاء العرافين يريدوا ان يعودوا بانسان القرن الواحد و العشرين الى زمن حضارة بلاد ما بين النهرين و الى الحضارة الاغريقية و المؤسف بان معظم العرافين يحاولون اقناع الناس و هم يتحدثون وكأن للكواكب و النجوم أرواح او تمتلك هذه الكواكب قوى خفية تمكنها من التاثير على سعادة الانسان و شقائه على الارض و كانها تتحكم بحياته و ترسم له مستقبله و هذا ضرب من الخرافة و الاوهام.
انها ظاهرة خطيرة يساهم بها الاعلام مما يعزز إبتعاد شعبنا عن مفاهم العلم والدين و يعزز إيمان الانسان بتاثير النجوم و الكواكب على حياته و مستقبله فتساهم هذه المعتقدات بالابتعاد عن الله و هو الواحد الاحد القادر على كل شيء
قال النبي محمد (ص) أخاف على امتي ثلاث من بعدي ( حيف الأئمة, و الايمان بالنجوم و التكذيب بالقدر) من هنا كان خوف النبي (ص) في حال حدوث الاثار الذي يرهص بها المنجمون صدفة ان يقع الناس في الضلالة و الانجذاب الى الاعتقاد بان الكواكب هي المؤثرة و انها الالهة المدبرة باعتبارها جواهر شريفة سماوية, فينجذب المعتقدون بها الى نسيان الله من القلوب, اما الانسان الذي ينطلق من خلال الدين و العلم يعرف بان هذه النجوم و الكواكب مسخرات بامر الله تعالى.
و في قوله تعالى ردا على اتهام قريش للرسول(ص) بان كلامه كلام كاهن قال تعالى
(( فذّكر فما انت بنعمة ربك بكاهن و لا مجنون))
لان الكاهن في العصور الجاهلية كان يوحي بالغموض و السحر.
فالاسلام بتعاليمه يؤكد على الايمان بالله الواحد , و رسوله و اليوم الاخر منبه الاذهان الى عظمة الله عز و جل المتمثلة بخلق السموات و الارض و النجوم. مشجعة على التفكر و الاخذ باسباب العلم التي منها علم الفلك كما كان هذه العلم او ذاك مؤديا الى ترسيخ العقيدة الاسلامية, و تثبيت الايمان, وتوسيع مدارك فهم الانسان لخلق الله و عجيب قدرته, ومن اياته:
(( هو الذي جعل الشمس ضياء و القمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين و الحساب)).
((و سخر لكم الليل و النهار و الشمس والقمر والنجوم مسخرات بامره ان في ذلك لايات لقوم يعقلون)).
(( و الشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم)).
هنا التفكر في عظمة الخالق, من خلال صورة الكون الذي ابتدعته يد الخالق.
والمسلمين في ميدان العلوم الفلكية عملوا لتحرير هذه العلم و فصله عن التنجيم او ما يعرف بالكهانة.
فالاسلام نهي عن التنجيم اي ما يعرف حاليا بالعرافين و كلمة التنجيم كلمة قديمة تعود الى ما قبل الاسلام و تعني مراقبة النجوم و يدعي اصحابه بانهم يعرفون من خلال النجوم و الكواكب بحدث ما سيحدث على الارض.
ويحددون للانسان طالعه و مستقبله من خلال اطلاعهم على يوم و شهر و ساعة مولده فقد اقتبس هذا ليصل الى السحر.
فالتنجيم و السحر محرم في الاسلام حديث نبوي شريف (( من اتى عرافا او طارقا او حازيا او كاهنا او منجما يطلب غيب الله منه فقد حارب الله و من حارب الله حرب و من غالبه غلب)) ومنها قوله (ص) أخاف على امتي ثلاث من بعدي ( حيف الأئمة, و الايمان بالنجوم و التكذيب بالقدر) ).
من اهم عمل بعلم الفلك عند العرب هو من ساهم بتحريره من كل ما له صلة بالتنجيم و جعل علم الفلك علما موضعيا مبنيا على أسس علمية لمعرفة سر الوجود الكوني و لنتعرف على سر الخالق من خلال خلقه فاللدين الاسلامي الفضل الكبير في تحرير امتنا و شعوبنا من الاساطير و الخرافات و ذلك من خلال موقف الاسلام من ظاهرة التنجيم و المنجيمين فتحرر الانسان المسلم
من سلطان تاثير النجوم و الاعتقاد بالكواكب فتحرر العقل المسلم شيء فشيء من رواسب الماضي, ففقد التنجيم بريقه مع تقدم علم الفلك مما يؤدي الى المعرفة البحتية العلمية.
نأمل من رجال الدين التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة التي توحي بان الكواكب والنجوم هم اجرام سماوية مقدسة وانها تتحكم بسعادة وشقاء ومستقبل الانسان الاقتصادي والاجتماعي على الارض ليوحو بذلك بان هذه الاجرام السماوية تعمل عمل الاله وبهذا تؤسس هذه الظاهرة لابعاد خطيرة بابعاد الانسان عن الله الواحد الاحد .فيصبح الانسان بذلك اسير الاوهام والخرافات